ما هي مراحل تطور نظام الجودة وهل فعلاً الجودة أساس النجاح الدائم للمؤسسات؟
- أبريل 17, 2025
- Posted by: Shimaa Ahmed
- Category: غير مصنف
هل تعلم كيف أصبحت اليابان من دولة فقيرة معدومة الموارد ضحية لقنبلة نووية فقدت 75 ألف شخص إلى أقوى دولة اقتصادية وصناعي مستوى العالم؟
الجودة هي السر وراء تحول اليابان وبقائها حتى الآن. ما هي الجودة و مراحل تطور نظام الجودة و كيف هي السبب في النجاح الدائم للأعمال هذا ما نناقشه في المقالة فهيا بنا.
لماذا تعددت مفاهيم نظم الجودة؟
تعددت مفاهيم نظم الجودة في البداية كان مفهوم الجودة بالسعر المناسب حتى أصبح المفهوم السائد الآن بين المؤسسات هو توقع احتياجات العميل وتحقيق الرضاء التام له و ذلك من خلال جودة المنتج التي تقدم للعميل.
وهذا يعني أن تهتم المؤسسات بتقديم منتجات أو خدمات تفي باحتياجات ومتطلبات العملاء وتكون مرتبطة بمواصفات محددة. وقد اختلفت تعريفات الجودة بإختلاف هذه التعريفات فقد عرفت الجودة من قبل الخبراء مثل:
- أرماند فيخبوم 1956م الذي عرفها بأنها (الرضا التام للعميل) فيرى أن الجودة لا تعني فقط أن المنتج خالٍ من العيوب، بل الأهم أن يكون مفيدًا ومرضيًا للعميل.فإذا كان المنتج يعمل بشكل جيد، ويحقق الغرض الذي يريده العميل منه بالطريقة التي يتوقعها فهذا هو المنتج الجيد.
- كما عرفها كروسبي 1979م بأن الجودة هي (المطابقة مع المتطلبات). بعبارة أخرى أن المنتج أو الخدمة تنفّذ وتُقدَّم تمامًا كما هو مطلوب ومُتفق عليه، من دون أخطاء أو تجاوزات ما يقلل من الهدر والتكاليف. فمثلًا لو وضعت المؤسسة مواصفات دقيقة للمنتج (مثل الحجم، اللون، الوظيفة…)، فالمطلوب هو الالتزام التام بهذه المواصفات. لذلك فالجودة عنده لا تعني “الأفضل”، بل تعني “الدقيق والمطابق لما هو متوقع”.
- وقام جوزيف جوران عام 1989م بتعريف الجودة على أنها (دقة الاستخدام حسب ما يراه المستفيد) أو الملائمة للاستخدام. وهذا يعني أن المنتج أو الخدمة تؤدي وظيفتها المطلوبة كما يتوقعها المستخدم. ومن فلسفة جوران أن الجودة ليست فقط غياب العيوب، بل أن المنتج يؤدي الغرض منه بفعالية.
بالإضافة إلى ربط الجودة بـرضا العميل العملي وليس فقط بالمواصفات النظرية. كما و يوضح جوران أنه يجب تصميم الجودة في المنتج منذ البداية، وليس اكتشافها بعد الإنتاج.
- وقد عرفها ويليام ديمينغ عام 1986 بأنها (درجة متوقعه من التناسق والا عتماد تناسب السوق بتكلفة منخفضة) وذلك يعني أن المنتج يعمل بنفس الكفاءة في كل مرة، وتحقق ما يطلبه العميل الآن، بل حتى احتياجاته المستقبلية المحتملة. وكان من أوائل من ربطوا بين الجودة ورضا العميل على المدى الطويل.
بالرغم من إختلاف المفاهيم الخاصة بالجودة تم توحيدها جميعاً بعبارة توضح المفهوم الحالي للجودة وهو (إشباع رغبات العميل / المستفيد في الوقت الحالي وفي المستقبل)
لماذا أصبحت الجودة أكثر أهمية من أي وقت مضى؟
بسبب تزايد تطلعات العملاء، وتنوع الخيارات المتاحة أمامهم أصبحت المؤسسات مطالبة بتقديم منتجات وخدمات لا تكتفي فقط بتلبية المتطلبات لكن تتفوق على التوقعات. ويمكن تلخيص أسباب تزايد أهمية الجودة في العصر الحديث كالتالي:
- ارتفاع وعي وتوقعات العملاء
- التحول الرقمي وشفافية الأسواق
- المنافسة العالمية
- التعقيد المتزايد في سلاسل التوريد
- الحاجة إلى الاستدامة والمسؤولية المجتمعية
- التطور السريع للتكنولوجيا
أهمية نظام إدارة الجودة
تأتي أهمية نظام إدارة الجودة (QMS) كأحد الركائز الأساسية التي تُبنى عليها المؤسسات الناجحة، سواء في القطاع الصناعي أو الخدمي. لا يقتصر دور ﻧظام إدارة الجودة على تحسين جودة المنتج أو الخدمة فقط بل أكثر من ذلك فيتوسع ليشمل التحكم في العمليات وتحقيق الكفاءة والابتكار وزيادة رضا العملاء. وفيما يلي أبرز الجوانب التي تبرز أهمية نظام إدارة الجودة
1. توحيد العمليات وتقليل التباين
من خلال توثيق الإجراءات وتطبيق المعايير، حيث يساعد نظام الجودة على توحيد طريقة العمل وتقليل التباين بين وحدات الإنتاج أو تقديم الخدمات، مما يُعزز الاتساق في النتائج.
2. رفع مستوى رضا العملاء
يُركّز نظام إدارة الجودة على تحقيق توقعات العملاء بدقة، ما يؤدي إلى تحسين تجربتهم، وبناء علاقات طويلة الأمد تقوم على الثقة والولاء.
3. تقليل الهدر وزيادة الكفاءة
بفضل أدوات التحليل والمراجعة التي يوفرها النظام، تتمكن المؤسسة من كشف نقاط الضعف في العمليات وتقليل الفاقد، سواء في الوقت أو الموارد أو التكاليف.
4. تحسين القدرة التنافسية
تطبيق نظام جودة فعّال يساهم في رفع سمعة المؤسسة، وزيادة قدرتها على التنافس محلياً ودولياً، خاصة إذا كانت حاصلة على شهادات معترف بها مثل ISO 9001.
5. اتخاذ قرارات مبنية على بيانات
يساعد نظام الجودة على جمع وتحليل البيانات بشكل منهجي، ما يُمكّن الإدارة من اتخاذ قرارات دقيقة ومدروسة بناءً على أداء فعلي وليس افتراضات.
6. تعزيز ثقافة التطوير والتحسين المستمر
يتبنى نظام إدارة الجودة فلسفة التحسين المستمر (Continuous Improvement) من خلال تقييم دوري واستجابة ديناميكية للتغيرات وتحفيز الفرق الداخلية على التطوير الذاتي.
7. الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية
يساعد نظام الجودة المؤسسات في الالتزام بالتشريعات والمعايير الصناعية المعمول بها، مما يقيها من المخالفات القانونية والمخاطر التشغيلية.
مما سبق يتضح أن نظام إدارة الجودة ليس مجرد وثائق أو إجراءات، بل هو إطار عمل شامل يدفع المؤسسة نحو التميز التشغيلي والريادة في السوق.
مراحل تطور نظام الجودة الخمس
تعكس مراحل تطور نظام الجودة تطور الفكر الإداري والتقني داخل المؤسسات، بدءاً من الممارسات اليدوية البسيطة وصولاً إلى الأنظمة المعقدة والمتكاملة في العصر الرقمي. كل مرحلة من هذه المراحل جاءت استجابة لتحديات معينة واحتياجات متغيرة في البيئة الصناعية والتجارية. وتأتي مراحل تطور نظام الجودة في خمس مراحل وهي:
-
المرحلة الأولى: التفتيش INSPECTION
منذ عام1920م حتى عام 1940م في بدايات الثورة الصناعية، هدفت هذه المرحلة إلى التفتيش النهائي حيث تعني فحص المنتج النهائي والتأكد من مطابقته للمواصفات من خلال التفتيش اليدوي من خلال عامل ويتم فصل السليم عن المعيب بعد انتهاء التصنيع. في تلك المرحلة لم تكن هناك آليات لمنع الخطأ ولكن الاكتفاء باكتشافه وضمان عدم وصول المنتجات المعيبة للمستهلك.
-
المرحلة الثانية: مراقبة الجودة QUALITY CONTROL
منذ عام 1940م حتى أواخر الستينات، هدفت هذه المرحلة إلى تقليل نسبة المعيب وذلك بتطبيق الأساليب الإحصائية لضبط الجودة، كما ظل التركيز في تلك المرحلة على اكتشاف نسبة المعيب في المنتج النهائي وتقليلها وليس منع حدوثها.
-
المرحلة الثالثة: ضمان وتوكيد الجودة QUALITY ASSURANCE منذ 1970م حتى 1985م
تلك المرحلة هي بداية اتخاذ الإجراءات التي تضمن منع الأخطاء قبل حدوثها والمحافظة على المستويات التي تم تحقيقها وضمان ثباتها، ويتم ذلك عن طريق مراقبة العملية الانتاجية لضمان خروج المنتجات بلا عيوب في كل مرة. وذلك بمراقبة عناصر العملية الانتاجية والتي تشمل
-
العامل Man
يساعد العامل الماهر المدرب في خروج منتجات مطابقة للمواصفات وليس بها أخطاء لأنه ليس العنصر الوحيد في العملية الانتاجية بينما العامل غير المؤهل يضمن خروج منتج غير مطابق للمواصفات.
- المعدات Machine
- الخامات Material
- أساليب العمل Method
- أدوات القياس Measurement
- بيئة العمل. Environment
معايير تحقيق ضمان الجودة
لتحقيق ضمان الجودة هناك مجموعة من المعايير الدولية المهمة (الايزو) والتي من شأنها مساعدة المؤسسات في الوصول لأفضل مستوى من الجودة والكفاءة. وتحصل المؤسسات التي طبقت تلك المعايير على شهادة الايزو والتي تختلف باختلاف مجال عمل الشركة ومن أشهرها
- ايزو ISO 9001) 9001): تهتم بتطبيق معايير الجودة في كل العمليات والأنشطة لزيادة قدرة المؤسسة على تقديم خدمات ومنتجات بجودة عالية
- ايزو ISO 14001)14001) : تهتم بتطبيق معايير الالتزام البيئي وضمان أن المؤسسة لا تسبب أي أضرار خطيرة للبيئة.
- ايزو ISO 45001) 45001): تهتم بالسلامة والصحة المهنية أي تهتم بسلامة المنشآت والسيطرة على المخاطر التي تهدد أمن العاملين بها وكيفية التصرف السليم في حالة الطوارئ
للحصول على شهادة الأيزو في شركتك أهمية كبيرة منها
- ثقة العملاء
- رفع جودة المنتجات والخدمات
- زيادة القدرة التنافسية
- تحسين الكفاءة التشغيلية
-
المرحلة الرابعة: إدارة الجودة الشاملة TOTAL QUALITY MANAGEMENT
أصبح الهدف في تلك المرحلة هو التطوير الشامل والمستمر لنظم الجودة والعمل كفريق، بالإضافة إلى اتساع المفهوم التطبيقي للجودة ليشمل جميع عناصر منظومة العمل لتقليل الأخطاء في كافة العمليات الانتاجية والإدارية.
و من أبرز أدوات هذه المرحلة استخدام وتطوير نظم معلومات إدارة الجودة(من 1986 وحتى عام 1979م)
يتميز إدارة الجودة الشاملة بـعدة ميزات على سبيل المثال
- التركيز على رضا العميل كأولوية.
- التحسين المستمر في جميع العمليات.
- إشراك جميع الموظفين في مسؤولية الجودة.
- استخدام أدوات تحليل مثل التحليل السببي، خرائط العمليات، وفرق الجودة.
-
المرحلة الخامسة:(Six sigma)
وهي أحدث المراحل المتطورة لنظم الجودة و تعتبر تحول نوعي في كيفية التعامل مع الجودة على مستوى عالمي، وقد ظهرت لأول مرة في شركة موتورولا في منتصف الثمانينات ثم اعتمدتها شركة جنرال إلكتريك على نطاق واسع لتحدث نقلة حقيقية في مفاهيم الكفاءة التشغيلية. يمكن تعريف six sigma بأنها عملية أو إستراتيجية تمكن المنشآت من التحسن بصورة كبيرة فيما يخص عملياتها الأساسية وهيكلها.
يتم ذلك من خلال تصميم ومراقبة أنشطة الأعمال اليومية بحيث يتم تقليل الفاقد واستهلاك المصادر (الوقت – الطاقات الذهنية – الطاقات المادية) وفي نفس الوقت تلبية احتياجات العميل وتحقيق القناعة لديه، كما يدل مبدأ سيجما ستة على أن المنشأة تقدم خدمات أو سلعاً خالية من العيوب تقريباً لأن نسبة العيوب في سيجما ستة 3.4عيب لكل مليون فرصة، مما يعني أن نسبة كفاءة وفاعلية العمليات 99.99966%
ومن الركائز الأساسية لـ Six Sigma
- التركيز على العميل: كل مشروع تحسين يبدأ بفهم احتياجات العميل وما يشكل بالنسبة له “الجودة”.
- الاعتماد على البيانات: تُبنى القرارات والتحسينات على تحليلات كمية وإحصائية دقيقة.
- التحسين المنهجي (DMAIC): منهجية محددة تتبع خمس مراحل:
- Define: تحديد المشكلة والأهداف.
- Measure: قياس الأداء الحالي.
- Analyze: تحليل أسباب المشكلات.
- Improve: تنفيذ حلول فعالة.
- Control: تثبيت النتائج ومنع التراجع.
- بناء كفاءات داخلية: يتم تدريب موظفي المؤسسة على مستويات مختلفة من الخبرة، مثل الحزام الأصفر، الأخضر، والأسود، حسب عمق مشاركتهم في تطبيق المنهجية
مزايا تطبيق Six Sigma
- تقليل نسب الهدر والخسائر.
- تحسين رضا العملاء بشكل كبير.
- رفع كفاءة العمليات وزيادة الإنتاجية.
- دعم اتخاذ القرار بناءً على بيانات دقيقة وليست على الحدس.
يتضح أن فكرة سيجما ستة تكمن في أنه إذا كانت المنشأة قادرة على قياس عدد العيوب الموجودة في عملية ما فإنها تستطيع بطريقة علمية أن تزيل تلك العيوب وتقترب من نقطة خلو من العيوب.
من المهم جداً فهم أن كل مرحلة من مراحل تطور نظام الجودة لم يقم بإلغاء ما قبله بل شمله وطور عليه فهي نظم مكملة لبعضها وليست منفصلة.
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في تطبيق نظام إدارة الجودة
مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) أصبح له دور مهم في تطبيق نظم الجودة داخل المؤسسات الحديثة. وذلك لأن الذكاء الاصطناعي يُسهم بشكل فعال في دقة العمليات، وتحليل البيانات بشكل أسرع، والتنبؤ بالمشكلات قبل حدوثها.
كما يمكن للأنظمة الذكية مراقبة خطوط الإنتاج في الوقت الحقيقي، والتعرف على العيوب بشكل آلي دون تدخل بشري. بالإضافة إلى استخدامه في تحليل اتجاهات رضا العملاء والتوصية بتحسينات مخصصة للمنتجات أو الخدمات.
علاوة على ذلك يُمكن دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة إدارة الجودة (QMS) لتقديم تقارير تنبؤية، ودعم اتخاذ القرار بناءً على مؤشرات الأداء مما يُسهم في تحقيق جودة مستدامة وتحسين مستمر بدقة وفاعلية غير مسبوقة.
تطبيق نظام الجودة في مصر و السعودية
يسعى البلدان لتطبيق نظام الجودة في المجالات والقطاعات المختلفة ضمن رؤية 2030؛ لتحقيق الكفاءة و تحسين الخدمات وتعزيز التنافسية الإقليمية والدولية. ويُعد تطبيق نظام الجودة خطوة استراتيجية لضمان تقديم منتجات وخدمات تتماشى مع المعايير العالمية وتلبي تطلعات المواطنين والمستثمرين.
في مصر
تعمل على دمج مبادئ إدارة الجودة في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، خاصةً في ظل التوجه نحو التحول الرقمي. ومن أبرز مظاهر التطبيق:
- اعتماد مواصفات ISO 9001 في عدد كبير من المصانع والجهات الحكومية.
- تطوير منظومة الخدمات الصحية والتعليمية لتتماشى مع معايير الجودة العالمية.
- نشر ثقافة الجودة داخل المؤسسات من خلال برامج تدريب وتأهيل الكوادر.
- إدراج الجودة كعنصر أساسي في استراتيجية تطوير الجهاز الإداري للدولة.
في السعودية
تهدف إلى تطوير أداء الجهات الحكومية والارتقاء بجودة الحياة. وتشمل أبرز خطوات التطبيق:
- تبني مفاهيم الجودة الشاملة (TQM) في المؤسسات الحكومية.
- إلزام العديد من القطاعات الحيوية (الصحة، الصناعة، التعليم) بالحصول على شهادات اعتماد جودة دولية.
- إطلاق برامج ومبادرات مثل “التميز المؤسسي الحكومي” و”الاعتماد المؤسسي الأكاديمي”.
- دعم الشركات والمؤسسات الوطنية في تطبيق أحدث نظم الجودة لتحسين الأداء وتقليل التكاليف.
من خلال معرفة مراحل تطور نظم الجودة يتضح أن الجودة لم تكن يومًا مجرد إجراء فني عل العكس فإن تبني نظم الجودة الحديثة لم يعد ترفًا بل هو خيار استراتيجي لبناء مؤسسات مرنة قادرة على المنافسة وتحقيق رضا العملاء في بيئة سريعة التغير. فكر متجدد وثقافة مؤسسية تتعمق مع مرور الوقت.
لقد بدأت من التفتيش اليدوي، وتدرجت عبر مفاهيم ضبط وتوكيد الجودة، حتى وصلت إلى أنظمة متقدمة مثل إدارة الجودة الشاملة و Six Sigma، واليوم أصبحت الجودة متكاملة مع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
الجودة التي تؤسسها اليوم، هي نجاحك المستدام غدًا.
في إيماك مع نخبة مختارة من الخبراء نساعدك على تطبيق أحدث نظم الجودة